عنيت المجتمعات منذ زمن بعيد بالتنقيب عن الموهوبين والمتفوقين ورعايتهم ففى القرن الرابع قبل الميلاد ركز أفلاطون على أهمية انتقاء الأطفال والشباب ذوى الاستعدادات والمقدرات العقلية العالية وتعليمهم ليتولوا زمام قيادة الدولة مستقبلا.
واهتم الرومانيون بانتقاء الشباب الموهوبين وجعلوا لهم برامج تدريبية خاصة فى مجالات القانون والسياسة والاستراتيجية العسكرية بغرض الاعتماد عليهم فى توسيع رقعة الدولة الرومانية .
وعنى المسلمون فى مختلف العصور بالكشف عن الموهوبين والنابهين المتميزين بسرعة الحفظ وسلامة التفكير وقوة الملاحظة والحاقهم بمراكز ومجالس العلماء .
ومع منتصف القرن التاسع عشر أخذت بعض الكتابات والمؤلفات التى تتناول العبقرية فى الظهور وعلى رأسها دراسة فرانسيس جالتون عن العبقرية الموروثة وأكد فيها أن العبقرية موهبة فطرية تتوارثها الأجيال داخل عائلات معينة .
ويشير جيرهارت إلى أنه طورت فى هذه الأثناء وجربت عدة برامج تعليمية للطلاب المتفوقين فى المدارس الحكومية ببعض الولايات المتحدة الأمريكية .
وفى عام 1921 شرع لويس تيرمان فى بحوثه عن المتفوقين والتى عرفت بالدراسات الجينية للعبقرية وتعد أشهر الدراسات التتبعية فى تاريخ علم النفس وبدأت على 1528 تلميذا بالمرحلة الابتدائية والثانوية بولاية كاليفورنيا واستمرت ما يقرب الستين عاما تم خلالها متابعة نمو هؤلاء الأطفال فى مراحل النضج والشيخوخة عن طريق تيرمان وزملائه وتلاميذه وحذت حذوه ليتاهولينجورث.
وتعد دراسات تيرمان و ليتاهولينجورث بمثابة الأساس لجميع التعريفات التقليدية السيكومترية التى اعتمدت على نسبة الذكاء العالية كمحك لتعريف التفوق العقلى والتى سادت لفترة طويلة قبل أن تظهر تعريفات أكثر شمولا أو متعددة المحكات .
فى عام 1942 بدأت شركة وستنجهاوس مشروعا لاكتشاف طلاب المرحلة الثانوية الموهوبين من ذوى الاستعدادات العلمية التى تؤهلهم مستقبلا ليكونوا علماء مبدعين وأدى هذا إلى إبراز قيمة الموهوبين والمتفوقين وإلى لفت الانتباه إلى أهمية الاهتمام بالمواهب .
وأنشئت الرابطة الأمريكية للأطفال الموهوبين عام 1947 ثم صدر كتاب الطفل الموهوب الذى حرره بول ويتى عام 1951 ثم أنشئت المنظمة القومية للأطفال الموهوبين عام 1953 وأصدرت دوريتها ربع السنوية عام 1956 .
ويلاحظ أن الاهتمام بالموهبة والموهوبين فى كل دولة كان وفقا لأيديولوجيتها وثقافتها السائدة وتباينت صور الاهتمام بهذه الفئة من دولة إلى أخرى .
أما بالنسبة لمصطلح الموهبة فيجب الاشارة إلى وجود إبهام فى استخدام هذا المصطلح واستخدام مصطلح التفوق حيث استخدم بعض الباحثين المصطلحين بمعنى واحد أمثال مارلاند وكيرك واستخدم علماء أحد المصطلحين دون الأخر حيث استخدم تايلور مصطلح Talentفى حين استخدم رينزولى مصطلح Giftedness وأكد تاننبوم أن الموهوبية والتفوق يستخدمان بطريقة مترادفة ليشملا المقدرات العامة التى لا يمتلكها أكثر من 1-2 فى المائة من الأفراد فى كل مرحلة نمائية .وفى المؤلفات العربية شاعت ترجمات مختلفة للمصطلحين Talent و Giftedness.
وللأستذادة حول هذه النقطة يمكن الرجوع إلى : عبد المطلب أمين القريطى (2005): الموهوبون والمتفوقون خصائصهم واكتشافهم ورعايتهم ، ط1 ، دار الفكر العربى