هل نتعلم حقا ؟!!!
يتسرب إلى أذهاننا فى لحظات صفو مع النفس سؤال يطرح نفسه ، ليطفو على سطح العقل ، فاتحا فيه نوافذ التفكير فيما نتعلمه من حياتنا ومواقفنا وفى مدارسنا وجامعاتنا ...
نتسائل : هل تعلمنا حقا ؟!!!
وهل ما مر بنا من تجارب أثقل خبراتنا ونمى معارفنا بالفعل ؟!
ثم هل ما نتعلمه فى الجامعة يعد تعليما حقيقيا ؟!
هل يمكننا أن نتعلم من مدرسة الحياة ما نريد ، أم يصبح من الضرورى بمكان أن نلتحق بمؤسسات التعليم المختلفة لنحصل فى النهاية على شهادة تفيد بأنا متعلمون ؟!
وهل تصبح الشهادات ذات جدوى إذا كان تعلمنا تعلما صوريا فحسب ؟!!!
إننا نعانى مما نتعلم وفيما نتعلم !!
يخيل إلى أحيانا أننا نتعلم لا رغبة فى التعليم ولكن رغبة فى فى الحصول على شهادة تعد جواز مرور إلى سوق العمل ، إن وجد !
قد أبدو متشائمة بعض الشئ ، لكن دعونى أطرح الأمر من زاوية أخرى ؛ حينما نلتحق بالثانوية العامة ، كل منا يحمل فى فكره على الأقل اتجاه معين ويميل لدراسة شئ بعينه ‘ لكنه فى الواقع يصدم بشيئين : الأول هو تحكمات الآباء التى فى كثير من الأحيان ما تغفل ميول واتجاهات الأبناء ، والثانى هو المجموع الذى يعد أداة قهر وإجبار ....
ثم نلتحق بالجامعة ، دون أدنى اختبار للأهلية والكفاءة والملائمة ، هكذا فى السواد الأعظم ... فهل مثلا : الطالب الذى يلتحق بكلية التربية ؛ هل بالفعل تؤهله قدراته ومهاراته للعمل فى حقل التدريس ؟!
وهل هو راغب بالفعل فى هذا المجال ؟!
هل حين إلتحاقنا بالجامعة نطبق مقاييس للاتجاهات والميول والقدرات ؟!
ثم هل يكفى المجموع بمفرده للزج بالطالب فى كلية بعينها دون أخرى ؟!
وهل يتأقلم الطالب بالفعل مع واقعه الجديد ، تكيفا يعطيه دافع الإنجاز فى المجال ، أم هو نوع من المعايشة مع واقع مفروض بغض النظر عن القبول به وارتضائه أم الرضوخ له كمسلم من مسلمات الحياة فحسب ؟!!!
ولعلنا فى استقراء الكثير من المواقف التى نتعرض لها فى حياتنا اليومية نستشف هذا .. أذكر حين كنت طالبة فى كلية التربية ، قسم رياضيات ، طرح علينا أحد أساتذتنا الأفاضل فى أول يوم ومحاضرة له معنا عدة أسئلة ، وبكل أسف لم يكن أحد منا يعلم عنها أى شئ وقلنا لسيادته أننا لم ندرس هذه الأشياء بالفعل وثارت ثائرة أستاذنا وخرج من المحاضرة بعد أن كلفنا بالبحث عن هذه النقاط ، وفعلا قام بعضنا بالبحث وأهمل البعض الآخر وجاءت المحاضرة التالية وكان الطلاب يجلسون فى الصفوف الأولى والطالبات تجلسن خلفهم – نزولا على رغبة أستاذنا – وبدأ يسأل بترتيب الجلوس ومن لا يجيب يخرجه خارج المدرج ،، فلم يتبقى من الطلاب إلا طالبا واحدا ، فرفعت إحدى زميلاتنا يدها ؛ تطلب الحديث وسمح لها الدكتور فقالت ( يا دكتور إحنا فعلا روحنا المكتبة ، وجبنا الحاجات اللى حضرتك قلت عليها لكن مش فاهمين فيها حاجة ، كلام الكتب غير واضح ، وبعدين يا دكتور إحنا بندرس الحاجات دى ليه هنستفيد منها فى ايه فى الآخر هنشتغل مدرسين إعدادى بالكتير ده إن اشتغلنا أصلا ... يعنى لو ندرس اللى هنتطلع ندرسه هيكون أفضل لنا )
مع اعتراضى الشديد على وجهة نظر زميلتنا إلا أنى وجدت أنها على صواب فى بعض الأمر ...
ثم موقف آخر حدث مؤخرا فى محيط عملى ، حينما حدثت تفرقة فى بعض الأمور مما أثار حفيظة البعض ، وبغض النظر عن الموقف أو تداعياته استوقفتنى عبارة قالتها زميلة لنا ، قالت : ( عشان حرف الدال بيعملوا كده ، ما هى سهلة ، كل الموضوع نبيع البيت ونروح نجيب حرف الدال من جامعة سينا وخلاص ، يعنى هم اللى كانوا اتخرجوا بيعرفوا حاجة فى الطب ولا فى غيره ... مادام حرف الدال هو اللى هيعمل لنا مكانة )
وموقف أخر كنت أركب سيارة وكان بها مجموعة من البنات يتحدثن عن زميلة لهن فقالت إحداهن دخلت صيدلة خاصة ، باختصار اشترت الشهادة بالفلوس !
وغير ذلك من المواقف الكثيرة والمتكررة ، إن كل ما أردته عبر سطورى هذه أن أوضح أن هناك خللا حادثا فى منظومتنا التعليمية والمجتمعية والقيمية يؤدى فى النهاية إلى حصولنا على شهادات بغض النظر عما تحمله مسمياتنا فى أرض الواقع ، فهل فعلا نحن أطباء او مهندسون أو معلمون أو .. أو .... وإذا كان الأمر كذلك فلما ننسى الفوط والمشارط فى بطون المرضى ولما تسقط العمارات التى يتم إنشاءها تحت إشراف مهندسين ولما يتخرج تلاميذنا من المدارس وهم لا يعرفون المهارات الأساسية فى الرياضيات أو النحو أو... أو ... ومن ثم فهل إننا بالفعل نتعلم ؟ وهل تعلمنا شيئا وهل انتفعنا بما تعلمناه ؟!!!!!!